responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 390
السُّؤَالُ الثَّانِي: الْيَهُودُ كُلُّهُمْ فُسَّاقٌ وَكُفَّارٌ، فَلِمَ خَصَّ الْأَكْثَرَ بِوَصْفِ الْفِسْقِ؟
وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: يَعْنِي أَنَّ أَكْثَرَكُمْ إِنَّمَا يَقُولُونَ مَا يَقُولُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا يَفْعَلُونَ طَلَبًا لِلرِّيَاسَةِ وَالْجَاهِ وَأَخْذِ الرِّشْوَةِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى الْمُلُوكِ، فَأَنْتُمْ فِي دِينِكُمْ فُسَّاقٌ لَا عُدُولٌ، فَإِنَّ الْكَافِرَ وَالْمُبْتَدِعَ قَدْ يَكُونُ عَدْلَ دِينِهِ، وَقَدْ يَكُونُ فَاسِقَ دِينِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّهُمْ مَا كَانُوا كَذَلِكَ فَلِذَلِكَ خُصَّ أَكْثَرُهُمْ بِهَذَا الْحُكْمِ، وَالثَّانِي: ذُكِرَ أَكْثَرُهُمْ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ داخل في ذلك

[سورة المائدة (5) : آية 60]
قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (60)
[في قوله تعالى قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ إلى قوله تعالى وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ] فيه مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ مِنْ ذلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْمُنْقِمِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفِ الْمُضَافِ، وَتَقْدِيرُهُ: بِشَرٍّ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَلَا يُقَالُ الْمَلْعُونُ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ الدِّينِ، بَلْ يُقَالُ: إِنَّهُ شَرٌّ مِمَّنْ لَهُ ذَلِكَ الدِّينُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْمَوْصُوفِينَ بِذَلِكَ الدِّينِ مَحْكُومًا عَلَيْهِمْ بِالشَّرِّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ.
قُلْنَا: إِنَّمَا خَرَجَ الْكَلَامُ عَلَى حَسَبِ قَوْلِهِمْ وَاعْتِقَادِهِمْ، فَإِنَّهُمْ حَكَمُوا بِأَنَّ اعْتِقَادَ ذَلِكَ الدِّينِ شَرٌّ، فَقِيلَ لَهُمْ: هَبْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ لَعْنَةَ اللَّه وَغَضَبَهُ وَمَسْخَ الصُّوَرِ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَثُوبَةً نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَوَزْنُهَا مَفُعْلَةٌ كَقَوْلِكَ: مَقُولَةٌ وَمَجُوزَةٌ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَقَدْ جَاءَتْ مَصَادِرُ عَلَى مَفْعُولٍ كَالْمَعْقُولِ وَالْمَيْسُورِ.
فَإِنْ قِيلَ: الْمَثُوبَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْإِحْسَانِ، فَكَيْفَ جَاءَتْ فِي الْإِسَاءَةِ؟
قُلْنَا: هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [آلِ عِمْرَانَ: 21] وَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: (مَنْ) فِي قَوْلِهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ: مَنْ ذَلِكَ؟ فَقِيلَ: هُوَ مَنْ لَعَنَهُ اللَّه وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ [الْحَجِّ: 72] كَأَنَّهُ قَالَ: هُوَ النَّارُ. الثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ بَدَلًا مِنْ (شَرٍّ) وَالْمَعْنَى أُنَبِّئُكُمْ بِمَنْ لَعَنَهُ اللَّه.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مِنْ صِفَاتِهِمْ أَنْوَاعًا: أَوَّلُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى لَعَنَهُمْ، وَثَانِيهَا: أَنَّهُ غَضِبَ عَلَيْهِمْ، وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ. قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: عَنَى بِالْقِرَدَةِ أَصْحَابَ السَّبْتِ، وَبِالْخَنَازِيرِ كُفَّارَ مَائِدَةِ عِيسَى. وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ الْمَسْخَيْنِ كَانَا فِي أَصْحَابِ السَّبْتِ لِأَنَّ شُبَّانَهُمْ مُسِخُوا قِرَدَةً، وَمَشَايِخَهُمْ مُسِخُوا خَنَازِيرَ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: ذَكَرَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» فِي قَوْلِهِ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أَنْوَاعًا من القراآت: أَحَدُهَا: قَرَأَ أُبَيٌّ: وَعَبَدُوا الطَّاغُوتَ، وَثَانِيهَا: قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَمَنْ عَبَدُوا، وَثَالِثُهَا: وَعَابِدُ الطَّاغُوتِ عَطْفًا عَلَى الْقِرَدَةِ،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 390
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست